مقررة أممية: العالم يخذل المصابين بالجذام في مواجهة التمييز والفقر

خلال الدورة 59 لمجلس حقوق الإنسان

مقررة أممية: العالم يخذل المصابين بالجذام في مواجهة التمييز والفقر
أشخاص من ذوي الجذام- أرشيف

كشف تقرير جديد قدمته المقررة الخاصة المعنية بالقضاء على التمييز ضد الأشخاص المصابين بالجذام وأفراد أسرهم، بياتريس ميراندا– غالارسا، لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ59 التي تتواصل حتى 9 يوليو المقبل، عن واقع مقلق يعيشه المصابون بمرض الجذام (مرض هانسن) في ظل التمييز المزمن، وانهيار التمويل، وغياب التعاون الدولي الكافي لضمان حقوقهم.

وذكر التقرير الذي اطلع «جسور بوست» على نسخة منه، أن جائحة كوفيد-19 كشفت عن ثغرات هيكلية عميقة في النظام الصحي العالمي، وعرقلت برامج مساعدة المصابين بأمراض المناطق المدارية المهملة، وعلى رأسها الجذام، وهو ما أدى إلى حرمان هؤلاء من حقوق أساسية مثل الصحة والعمل والتعليم والمأوى.

وأبرز التقرير كيف أدت حالة الطوارئ العالمية إلى اختبار فعلي لمدى التزام الدول بمواد رئيسية في ميثاق الأمم المتحدة، الداعي إلى تعزيز التعاون الدولي لحماية حقوق الإنسان، وتحديداً الحق في الصحة والرفاه دون تمييز.

وشددت المقرّرة الخاصة على أن التحديات التي برزت خلال الجائحة كشفت غياب آليات فعالة لحماية الفئات المهمشة، مثل المصابين بالجذام، ما يفرض ضرورة إعادة النظر في هيكلية الدعم الدولي لضمان استجابة أكثر عدالة وشمولاً في الأزمات المستقبلية.

ومن أبرز المطالب التي سلّط التقرير الضوء عليها هي دعوة المصابين بالجذام للاعتراف بتاريخهم وتجاربهم، لا من باب التوثيق فحسب، بل كونها جزءاً من تصحيح العلاقة المجتمعية معهم.

وعدّ التقرير حفظ التاريخ الشفهي والمواقع ذات الصلة يشكّل خطوة أساسية في إعادة دمج المصابين في النسيج الاجتماعي والوطني، وهو ما يتطلب دعماً من المجتمع الدولي، واستثماراً في البحوث الاجتماعية والعلمية.

وأشار التقرير إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي يعترف بأهمية التعاون الدولي في المجالين العلمي والثقافي.

ورغم اعتماد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في عام 2006، وإدراج مواد تضمن الحماية أثناء الكوارث، شدد التقرير على أن الأشخاص المصابين بالجذام ما زالوا يعانون من الإقصاء في خطط التنمية، وغالباً ما يُهملون ضمن آليات الحماية والتمويل.

وأكدت المقررة أن إدماج المصابين بالجذام ضمن هذه الأطر يجب أن يكون أولوية، خاصة في ظل التحولات المتسارعة في المشهد الصحي والإنساني العالمي.

ومن أخطر ما كشفه التقرير هو النقص الحاد في التمويل الدولي لبرامج الجذام، وخاصة في الجوانب الاجتماعية والنفسية والوقائية. وبيّن أن التخفيضات أدّت إلى تركيز المنظمات على تقليل عدد الحالات بدلاً من اعتماد نهج شامل يراعي الأبعاد الاقتصادية والإنسانية والحقوقية للمرض.

وفي حين قدرت المقررة أن كل دولار يُستثمر في مكافحة أمراض المناطق المدارية المهملة قد يحقق عوائد اقتصادية تعادل 50 ضعفاً، فإن السياسات الحالية لا تزال عاجزة عن استغلال هذه الفرصة، مما يفاقم أوجه عدم المساواة.

أشار التقرير إلى أن التغييرات الحديثة في سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في ما يخص المساعدات الدولية وحقوق الإنسان قد تؤدي إلى انتكاسة خطيرة في الجهود الدولية لمكافحة الجذام، سواء في الكشف المبكر أو المتابعة الطبية أو تمكين المصابين اجتماعياً واقتصادياً. وهذه التغيرات تتعارض مع مواقف منظمات متعددة مثل "منظمة الصحة للبلدان الأمريكية" التي تدعو إلى استجابة منهجية وتعاونية لأمراض المناطق المدارية المهملة.

ودعت المقررة إلى التحول من نموذج "إعادة التأهيل المجتمعي" إلى نموذج "التنمية المجتمعية الشاملة للجميع"، والذي يضع في قلبه مبادئ حقوق الإنسان، والكرامة، والمشاركة، والتمكين الاقتصادي والاجتماعي.

وأكدت أن الكثير من المنظمات بدأت بالفعل بدمج منظور أوسع يشمل أمراضاً مدارية أخرى إلى جانب الجذام، ما يعزز فرص تبادل المعرفة واستدامة التمويل.

واختتمت تقريرها برسالة قوية مفادها أن مكافحة الجذام لا يجب أن تستند إلى العمل الخيري فقط، بل إلى رؤية قائمة على العدالة والإدماج والمساواة. وأكدت المقررة أن ضمان المشاركة الهادفة للمصابين في صنع القرار، وتوفير تمويل مستدام، وبناء شراكات دولية فعالة، هو السبيل الوحيد للوفاء بالتزامات المجتمع الدولي، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة دون أن يُترك أحد خلف الركب.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية